د. ماهر عبد المحسن
في اليوم الأول من دورة التطوير الذاتي، وقف مدرب التنمية البشرية ذائع الصيت أمام المتدربين في لحظة صمت توقعوا بعدها حلاً سحرياً لمشكلاتهم الحياتية، لكنه فاجأهم بالسؤال التالي:
ماذا لو توقف السلم الكهربائي بالركاب الصاعدين، هل يكملون الصعود على أقدامهم أم يهبطون ويبحثون عن سلم كهربائي بديل؟
أجاب البعض باستمرار الصعود بالنسبة للذين اقتربوا من قمة السلم، وبالهبوط بالنسبة للقريبين من بداية السلم، لكنهم لم يستطيعوا أن يقرروا مصير الذين يقفون في المنتصف.
وهنا تصدى آخرون للإجابة قائلين بمواصلة الصعود توفيراً للوقت، واستثماراً للراحة التي حصل عليها الركاب في النصف الأول من المسافة. لكن فريقاً ثالثاً رأى أن الهبوط والبحث عن سلم آخر أفضل لأن الهبوط أسهل من الصعود ولأنه يدخر الجهد، ولو على حساب الوقت، لأمور أكثر أهمية.
ولأن المدرب لم يكن مهتماً بمعرفة الإجابة الصحيحة قدر اهتمامه بتحقيق ال Ice Breaking أو كسر الجليد، بينه وبين المتدربين، وبينهم وبين بعضهم البعض، فلم يكن معنياً بتقديم إجابته الخاصة.
غير أن إجابة الفريق الثاني، من وجهة نظرنا، تحتوي على قدر كبير من الحكمة، إذا ما فهمنا السلم الكهربائي بالمعنى الرمزي. فالنصف الأول من حياة الإنسان، عموماً، يقوم بشكل كبير على الاعتماد على الآخرين، الوالدين في الأسرة، المعلمين في المدرسة، الرؤساء في العمل… إلخ. غير أنه في مرحلة ما تتوقف هذه العوامل المساعدة، وهنا نجد أنفسنا أمام نوعين من البشر، بعضهم لا يستطيع أن يستكمل حياته بنفسه، فيبحث عن وسائل بديلة للدعم والمساعدة، والبعض الآخر يقرر أن يستكمل مشوار الحياة بنفسه مستفيداً من الخبرات التي حصلها في النصف الأول.
إنه الفرق بين الشخصية السلبية الاعتمادية، والشخصية الإيجابية المستقلة. وهو الفرق أيضاً بين البناء على ما أسسه السابقون، وبين الهدم والبدء من نقطة الصفر من جديد.

